كتاب: الحاوي في تفسير القرآن الكريم

/ﻪـ 
البحث:

هدايا الموقع

هدايا الموقع

روابط سريعة

روابط سريعة

خدمات متنوعة

خدمات متنوعة
الصفحة الرئيسية > شجرة التصنيفات
كتاب: الحاوي في تفسير القرآن الكريم



وقد قدمنا في ترجمة هذا الكتاب المبارك: أن التحقيق، جواز تخصيص عموم المتواتر، بأخبار الآحاد كما هو معلوم، لأن التخصيص بيان، والبيان يجوز بكل ما يزيل اللبس، ولذا كان جمهور العلماء على جواز بيان المتواتر، بأخبار الآحاد، كتخصص عموم {وَأُحِلَّ لَكُمْ مَا وَرَاءَ ذَلِكُمْ} [النساء: 24] وهو متواتر بحديث: «لا تنكح المرأة على عمتها أو خالتها» وهو خبر آحاد، وقد أكثرنا من أمثلته في هذا الكتاب المبارك، وكذلك أجاز الجمهور تخصيص المنطوق بالمفهوم كتخصيص عموم:
«في أربعين شاة شاة» وهو منطوق بمفهوم المخالفة في حديث: «في الغنم السائمة زكاة» عند من يقول بذلك.
والحاصل: أن المبين باسم الفاعل، يجوز أن يكون دون المبين باسم المفعول في السند، وفي الدلالة، وإليه أشار في مراقي السعود بقوله:
وبين القاصر من حيث السند ** أو الدلالة على ما يعتمد

وقد أوضحنا هذا، وذكرنا كلام أهل العلم فيه في ترجمة هذا الكتاب المبارك.
وقد يترجح عند الناظر عدم صومها للمتمتع من وجهين:
الأول: أن عدم صومها مرفوع رفعًا صريحًا، وصومها موقوف لفظًا، مرفوع حكمًا على المشهور، والمرفوع صريحًا أولى بالتقديم من المرفوع حكمًا.
والثاني: أن الجواز والنهي، إذا تعارضا قدم النهي، لأن ترك مباح أهون من ارتكاب منهي عنه، وقد يحتج المخالف، بأن دليل الجواز خاص بالمتمتع، ودليل النهي عام، والخاص يقضي على العام، والعلم عند الله تعالى. فإن أخر صوم الأيام الثلاثة، عن يوم عرفة فقد فات وقتها على القول، بأن أيام التشريق لا يصومها المتمتع، وعلى القول بأنه يصومها إنما يخرج وقتها بانتهاء أيام التشريق وهل عليه قضاؤها بعد ذلك؟ لا أعلم في ذلك نصًا من كتاب الله ولا من سنة رسوله صلى الله عليه وسلم.
والعلماء مختلفون في ذلك فقال بعضهم: يقضيها فيصوم عشرة، ومن قال بهذا القول، من أهل العلم اختلفوا، هل يفرقها، فيفصل بين الثلاثة، والعشرة، بمقدار ما وجب التفريق بينهما في الأداء، لو لم تفت في وقتها بناء على أن تقديم الثلاثة على السبعة لا يتعلق بالوقت، فلم يسقط كترتيب أفعال الصلاة، أو ليس عليه تفريقها، بل يجوز أن يصوم العشرة كلها متوالية، بناء على أن التفريق وجب بحكم الوقت المعين، وقد فات، فسقط كالتفريق بين الصلوات التي فاتت أوقاتها، فإنها تقضي متوالية، لا متفرقة على أوقاتها حسب الأداء لو لم تفت، والتفريق بين الثلاثة والسبعة في الصوم هو مذهب الشافعي، وعدمه: مذهب أحمد، وعلى قول من قالوا: بلزوم قضاء الأيام الثلاثة، بعد خروج وقتها.
فبعضهم يقول: لا دم على المتمتع، لأنه قضى ما فات، وهو مذهب الشافعي. وقيل: عليه دم مع القضاء، لأجل التأخير، وجزم به الخرقي وهو مروي عن أحمد. وقال القاضي: إن أخره لعذر، فليس عليه إلا القضاء، ولا دم. وعن أحمد لا دم مع القضاء بحال.
وقيل: لا تقضى الأيام الثلاثة، بعد خروج وقتها، ويلزم الدم لسقوط قضائها بفوات وقتها، ولا يجوز صوم السبعة بعد ذلك، لأنها تابعة للثلاثة التي سقطت، ويتعين الدم، وهذا مذهب أبي حنيفة، وآخر وقت الثلاة عنده يوم عرفة.
واعلم: أن أبا حنيفة وأحمد يقولان: إن صوم الثلاثة للعاجز عن الهدي، يجوز قبل التلبس بإحرام الحج، فمذهب أبي حنيفة: أن أول وقت صومها في أشهر الحج، بين الإحرامين، والأفضل عنده: أن يؤخرها إلى آخر وقتها، فيصوم السابع، ويوم التروية، ويوم عرفة.
وبعض الحنفية يروي هذا عن علي رضي الله عنه. وعند أحمد: يجوز صومها، عند الإحرام بالعمرة، وعنه: إذا حل من العمرة، وهذه الأقوال مبنية على أن قوله: في الحج يراد به: أشهره. وقد بينا عدم ظهوره، وعند مالك والشافعي: لا يجوز صومها إلا بعد التلبس بإحرام الحج، وهذا أقرب لظاهر القران، وهما يقولان: ينبغي تقديمها قبل يوم النحر، والشافعي: يستحب إنهاءها قبل يوم عرفة، فإن لم يصم إلى يوم النحر، أفطر يوم النحر، وصام عند مالك أيام التشريق، فإن لم يصمها، حتى رجع إلى بلده وله به مال: لزمه أن يبعث بالهدي، إلى الحرم، ولا يجزئه الصوم عنده، وليس له أن يؤخر الصيام، ليهدي من بلده، وفي صوم أيام التشريق، للمتمتع عند الشافعية: قولان. وعن أحمد: روايتان فيهما. وقد علمت أن أبا حنيفة لا يجيز صومها. وأن مالكًا يجيزه ويكفي عنده في صوم السبعة الرجوع من منى.
وقد قدمنا أن التحقيق أن صومها بعد الرجوع إلى أهله لحديث ابن عمر الثابت في الصحيح: فما يروى عن مالك وأبي حنيفة، والشافعي، وغيرهم مما يخالف ذلك من الروايات لا ينبغي التعويل عليه، لمخالفته الحديث الصحيح. ولفظه: «فمن لم يجد هديا فصيام ثلاثة أيام في الحج وسبعة إذا رجع إلى أهله» الحديث هذا لفظ مسلم في صحيحه، ولفظ البخاري «فليصم ثلاثة أيام في الحج وسبعة إذا رجع إلى أهله» فلفظة: إذا رجع إلى أهله في الصحيحين من حديث ابن عمر مرفوعًا إلى النَّبي صلى الله عليه وسلم، وهو تفسير منه لقوله تعالى: {وَسَبْعَةٍ إِذَا رَجَعْتُمْ} [البقرة: 196] وإذا ثبت عن النَّبي صلى الله عليه وسلم في الصحيحين، من حديث ابن عمر: تفسير الرجوع في الآية برجوعه إلى أهله، فلا وجه للعدول عنه.
وفي صحيح البخاري، من حديث ابن عباس بلفظ «وسبعة إذا رجعتم إلى أمصاركم» وكل ذلك يدل على أن صوم السبعة بعد رجوعه، إلى أهله، لا في رجوعه إلى مكة، ولا في طريقه كما هو ظاهر النصوص، التي ذكرنا، بل صريحها، والعدول عن النص، بلا دليل يجب الرجوع إليه لا يجوز، والعلم عند الله تعالى.
والأظهر عندي: أنه إن صام السبعة قبل يوم النحر، لا يجزئه قال، فما ذلك قال اللخمي من المالكية: من أنه يرى إجزاءها لا وجه له. والله أعلم.
بل لو قال قائل: بمقتضى النصوص، وقال لا تجزئ قبل رجوعه إلى أهله، لكان له وجه من النظر واضح لأن من قدمها قبل الرجوع إلى أهله، فقد خالف لفظ النَّبي صلى الله عليه وسلم، الثابت في الصحيحين عن ابن عمر وهو لفظ منه صلى الله عليه وسلم، في معرض تفسير آية: {وَسَبْعَةٍ إِذَا رَجَعْتُمْ} [البقرة: 196] والعدول عن لفظه الصريح، المبين لمعنى القران. لو قيل: بأنه لا يجزئ فاعله، لكان له وجه، والعلم عند الله تعالى.
واعلم: أن العاجز عن الهدي في حجه ينتقل إلى الصوم ولو غنيًّا في بلده هذا هو الظاهر، وإن عجز وابتدأ صوم الثلاثة ثم وجد الهدي، بعد أن صام يوما منها أو يومين، فالأظهر عندي فيه: أنه لا يلزمه الرجوع إلى الحج، لأنه دخل في الصوم بوجه جائز وأنه ينبغي له أن ينتقل إلى الهدي، واستحباب الانتقال إلى الهدي هو مذهب مالك، ومن وافقه. وممن وافقه الحسن، وقتادة والشافعي وأحمد. وعن ابن أبي نجيح، وحماد، والثوري، والمزني: إن وجد الهدي، قبل أن يكمل صوم الثلاثة، فعليه الهدي. وقيل: متى قدر على الهدي قبل يوم النحر انتقل إليه صام، أو لم يصم، والأظهر ما قدمنا والله أعلم.
قال مقيده عفا الله عنه وغفر له: الذي يظهر لي: أنه إن فاته صوم الثلاثة في وقتها، إلى ما بعد أيام التشريق أنه يجري على القاعدة الأصولية التي هي: هل يستلزم الأمر المؤقت القضاء، إذا فات وقته، أو لا يستلزمه؟ وقد قدمنا الكلام على تلك المسألة مستوفى في سورة مريم في الكلام على قوله تعالى: {فَخَلَفَ مِن بَعْدِهِمْ خَلْفٌ أَضَاعُواْ الصلاة} [مريم: 59].
فعلى القول: بأن الأمر يستلزم القضاء فلا إشكال في قضاء الثلاثة بعد وقتها وعلى القول: بأنه لا يستلزم القضاء يحتمل أن يقال: بوجوب القضاء لعموم حديث: «فدين الله أحق أن يقضى» ويحتمل أن يقال بعدمه، بناء على أن صوم الثلاثة في الحج، ليكون ذلك مسوغًا لقضاء التفث، لأن الدم مسوغ لقضاء التفث، ممن عنده هدي فلا يبعد أن يكون بعض الصوم، قدم لينوب عن الدم في تسويغ قضاء التفث. وعلى هذا الاحتمال: لا يظهر القضاء، ولا يبعد لزوم الدم للإخلال بالصوم في وقته، والعلم عند الله تعالى.
أما لزوم صوم السبعة بعد الرجوع، إلى أهله، فالذي يظهر لي: لزومه لمن لم يجد الهدي مطلقًا: وأنه لا يسقط بحال لأن وجوبه ثابت بالقران فلا يمكن إسقاطه، إلا بدليل واضح، يجب الرجوع إليه. فجعل الدم بدلًا منه إن فات صوم الثلاثة في وقتها، ليس عليه دليل يوجب ترك العمل بصريح القران في قوله: {وَسَبْعَةٍ إِذَا رَجَعْتُمْ} [البقرة: 196].
تنبيه:
إذا أخر الحاج طواف الإفاضة، عن أيام التشريق إلى آخر ذي الحجة مثلًا، فهل يجزئه حينئذ صوم الأيام الثلاثة لأنه لم يزل في الحج، لبقاء ركن منه، ولأنه لا يجوز له الرفث إلى النساء، لأنه لم يزل في الحج، أو لا يجوز له صومها نظرًا إلى أن وقت الطواف، الذي بينه النَّبي صلى الله عليه وسلم وقال «لتأخذوا عني مناسككم» قد فات؟ وهذا التأخير مخالف للسنة، فلا عبرة به، وهذا أظهر عندي. والله تعالى أعلم.
وبنحوه جزم النووي في شرح المهذب قائلًا: إن تأخير الطواف بعيد فلا يحمل عليه قوله تعالى في الحج وذكر عن بعض الشافعية وجهًا آخر غير هذا. وإن مات المتمتع العاجز، عن الصوم قبل أن يصوم فقال بعض أهل العلم: يتصدق عما أمكنه صومه، عن كل يوم بمد من حنطة، وهو مروي عن الشافعي. وقيل: يهدي عنه. وقيل: لا هدي عنه، ولا إطعام. والله تعالى أعلم.
واختلف أهل العلم: إن وجب عليه الصوم فلم يشرع فيه، حتى قدر على الهدي هل ينتقل إلى الهدي، لأن الصوم إنما لزم للعجز عن الهدي، وقد زال بوجوده، وهذا إن وقع قبل يوم النحر، لا ينبغي أن يختلف فيه. أما إن وجد الهدي، بعد فوات وقت الأيم الثلاثة، فهو محل القولين، وهما روايتان، عن أحمد، وقد قدمنا كلام أهل العلم في ذلك، ولا نص فيه.
والأظهر: أن صوم السبعة الذي لم يعين له وقت لا ينبغي العدول عنه، إلى غيره، كما تقدم خلافًا لمن قال بغير ذلك، والعلم عند الله تعالى.
هذا هو حاصل ما يتعلق بالدماء الواجبة، بغير النذر مع كونها منصوصًا عليها في القرآن.
أما الدماء التي لم يذكر حكمها في القرآن، وقد قاسها العلماء على المذكورة في القرآن، فمنها: دم الفوات. فقد روى مالك في الموطأ، عن عمر بن الخطاب رضي الله عنه: أنه أمر أبا أيوب الأنصاري، وهبار بن الأسود حين فاتهما الحج، وأتيا يوم النحر: أن يحلا بعمرة، ثم يرجعا حلالًا ثم يحجان عامًا قابلًا، ويهديان، فمن لم يجد فصيام ثلاثة أيام في الحج، وسبعة إذا رجع إلى أهله. انتهى محل الغرض منه.
فقد قاس عمر بن الخطاب رضي الله عنه: دم الفوات على دم التمتع حيث قال: فمن لم يجد فصيام ثلاثة أيام في الحج وسبعة إذا رجع إلى أهله، وقول عمر ثلاثة أيام في الحج، لا يظهر في الفوات، لأن الفوات لا يتحقق إلا بانتهاء ليلة النحر، اللهم إلا إن كان عاقه عائق، وهو بعيد، بحيث لو سار ثلاثة أيام لم يدرك عرفة ليلة النحر، فحينئذ قد يصومها وكأنه في الحج، لأنه لم يحصل له الفوات فعلًا، وإن كان الفوات محققًا وقوعه في المستقبل، ووجه قياس: دم الفوات على دم التمتع، حتى صار بدله من الصوم كبدله. ذكره ابن قدامة في المغني قائلًا: إن هدي التمتع، إنما وجب للترفه بترك أحد السفرين وقضائه النسكين في سفر واحد، فيقاس عليه دم من فاته الحج بجامع أنه ترك بعض ما اقتضاه إحرامه، فصار كالتارك.
لأحد السفرين انتهى محل الغرض منه. ولا يظهر عندي كل الظهور.
ثم قال في المغني: فإن قيل: فهلا ألحقتموه بهدي الإحصار فإنه أشبه به، إذ هو حلال من إحرامه قبل إتمامه. قلنا: الهدي فيهما سواء. وأما البدل، فإن الإحصار ليس بمنصوص على البدل فيه، وإنما ثبت قياسًا، فقياس هذا على الأصل المنصوص عليه أول من قياسه على فرعه، على أن الصيام ها هنا مثل الصيام، عن دم الإحصار، وهو عشرة أيام أيضًا، إلا أن صيام الإحصار: يجب أن يكون قبل حله، وهذا يجوز فعله قبل حله وبعده، وهو أيضًا مفارق لصوم المتعة، لأن الثلاثة في المتعة: يستحب أن يكون آخرها يوم عرفة، وهذا يكون بعد فوات عرفة. والخرقي، إنما جعل الصوم عن هدي الفوات مثل الصوم، عن جزاء الصيد، عن كل مد يوما. والمروي عن عمر وابنه مثل ما ذكرنا، ويقاس عليه أيضًا: كل دم وجب لترك واجب، كدم القران وترك الإحرام من الميقات والوقوف بعرفة إلى غروب الشمس، والمبيت بمزدلفة، والرمي، والمبيت ليالي منى بها، وطواف الوداع. فالواجب فيه: ما استيسر من الهدي، فإن لم يجد فصيام عشرة أيام، وأما من أفسد حجة بالجماع، فالواجب فيه بدنة بقول الصحابة المنتشر الذي لم يظهر خلافه، فإن لم يجد فصيام ثلاثة أيام في الحج، وسبعة إذا رجع، كصيام المتعة. كذا قال عبد الله بن عمر، وعبد الله بن عباس، وعبد الله بن عمرو رواه عنهم الأثرم، ولم يظهر في الصحابة خلافهم، فيكون إجماعًا، فيكون بدله مقيسًا على بدل دم المتعة.
وقال أصحابنا: يقوم البدنة بدراهم، ثم يشترى بها طعامًا، فيطعم كل مسكين مدًا أو يصوم عن كل مد يوما، فتكون ملحقة بالبدنة الواجبة في جزاء الصيد، ويقاس على فدية الأذى ما وجب بفعل محظور، يترفه به كتقليم الأظافر، واللبس، والطيب وكل استمتاع من النساء: كالوطء في العمرة، أو في الحج بعد رمي جمرة العقبة، فإنه في معنى فدية الأذى من الوجه الذي ذكرنا، فيقاس عليه، ويلحق به، فقد قال ابن عباس: لا مرأة وقع عليها زوجها قبل أن تقصر: عليك فدية من صيام. أو صدقة. أو نسك انتهى بطوله من المغني.
وهذه الأمور المذكورة لا نص فيها من كتاب ولا سنة.
وقد قدمنا في سورة البقرة أقوال أهل العلم في المحصر إن عجز عن الهدي هل يلزمه بدله، أو لا يلزمه شيء بدلًا منه. وأقوال من قالوا: يلزمه البدل في البدل. هل هو الصوم. أو الإطعام. بما أغنى عن إعادته هنا.
وقد علمت من كلام صاحب المغني: أن المشهور في مذهب أحمد: هو قياس دم الفوات على دم التمتع، كما فعل عمر رضي الله عنه، وأن الخرقي من الحنابلة قاسه على دم جزاء الصيد فجعل الصوم عن دم الفوات، كالصوم عن جزاء الصيد، وأن مذهب أحمد أيضًا، قياس كل دم وجب لترك واجب على دم التمتع.
فيصوم عند العجز عند عشرة أيام، وذلك كدم القران، وترك الإحرام من الميقات، والوقوف بعرفة إلى غروب الشمس، والمبيت بمزدلفة والرمي والمبيت ليالي منى بها. وطواف الوداع. وكذلك قياس صوم من عجز عن البدنة في حال إفساد حجه بالجماع، فهو عند أحمد: عشرة أيام قياسًا على التمتع. وقد قدمنا نقل صاحب المغني لذلك عن بعض الصحابة وعدم مخالفة غيرهم لهم.
وعن بعض الحنابلة: تقويم بدنة المجامع العاجز بالدراهم، فيشترى بها طعامًا إلى آخر ما تقدم. وأن مذهب أحمد: قياس كل دم وجب بفعل محظور، كاللبس، والطيب، وتقليم الأظافر، ونحو ذلك على فدية الأذى.
وقد قدمنا أن قياس تلك الأشياء على فدية الأذى، مجمع عليه من الأئمة الأربعة، إلا أن أبا حنيفة. يخصصه بما فعل للعذر، ويوجب الدم دون غيره، فيما فعل من ذلك لا لعذر كما تقدم إيضاحه.
وأما مذهب الشافعي في دم الفوات، ففيه طريقان أصحهما: قياسه على دم التمتع، في الترتيب، والتقدير، وسائر الأحكام.
والطريق الثاني: على قولين أحدهما: أنه كدم التمتع أيضًا. والثاني: أنه كدم الجماع في الأحكام، إلا أن هذا شاة، والجماع بدنة لاشتراك الصورتين في وجوب القضاء، وقد قدمنا حكم المجامع العاجز عن البدنة في مذهب الشافعي ماذا يلزمه، ومذهب الشافعي في الدم الواجب بسبب ترك بعض المأمورات كالإحرام من الميقات، والرمي والوقوف بعرفة إلى الغروب، والمبيت بمزدلفة ليلة النحر، وبمنى ليالي منى، وطواف الوداع هو أن في ذلك أربعة أوجه أصحها: أنه كدم التمتع أيضًا في الترتيب، والتقدير، فإن عجز عن الهدي، صام ثلاثة أيام في الحج وسبعة إذا رجع.